سورة مريم - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


{يازكريا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بغلام اسمه يحيى} جواب لندائه ووعد بإجابة دعائه وإنما تولى تسميته تشريفاً له. {لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً} لم يسم أحد بيحيى قبله، وهو شاهد بأن التسمية بالأسامي الغريبة تنويه للمسمى. وقيل سمياً شبيهاً كقوله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} لأن المتماثلين يتشاركان في الاسم، والأظهر أنه أعجمي وإن كان عربياً فمنقول عن فعل كيعيش ويعمل. وقيل سمي به لأنه حيي به رحم أمه، أو لأن دين الله حيي بدعوته.


{قَالَ رَبِّ أنى يَكُونُ لِى غلام وَكَانَتِ امرأتى عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكبر عِتِيّاً} جساوة وقحولاً في المفاصل، وأصله عتو وكقعود فاستثقلوا توالي الضمتين والواوين فكسروا التاء فانقلبت الواو الأولى ياء، ثم قلبت الثانية وأدغمت وقرأ حمزة والكسائي وحفص {عِتِيّاً} بالكسر، وإنما استعجب الولد من شيخ فان وعجوز عاقر اعترافاً بأن المؤثر فيه كمال قدرته وأن الوسائط عند التحقيق ملغاة ولذلك: {قَالَ} أي الله تعالى أو الملك المبلغ للبشارة تصديقاً له. {كذلك} الأمر كذلك، ويجوز أن تكون الكاف منصوبة ب {قَالَ} في: {قَالَ رَبُّكَ} وذلك إشارة إلى مبهم يفسره. {هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ} ويؤيد الأول قراءة من قرأ {وَهُوَ عَلَيَّ هَيّنٌ} أي الأمر كما قلت، أو كما وعدت وهو على ذلك يهون علي، أو كما وعدت وهو عليّ هين لا أحتاج فيما أريد أن أفعله إلى الأسباب، ومفعول قال الثاني محذوف. {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} بل كنت معدوماً صرفاً، وفيه دليل على أن المعدوم ليس بشيء، وقرأ حمزة والكسائي {وقد خلقناك}.
{قَالَ رَبِّ اجعل لِّى ءَايَةً} علامة أعلم بها وقوع ما بشرتني به. {قَالَ ءايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} سَوِيُّ الخَلْقِ ما بك من خرس ولا بكم، وإنما ذكر الليالي هنا والأيام في (آل عمران) للدلالة على أنه استمر عليه المنع من كلام الناس والتجرد للذكر والشكر ثلاثة أيام ولياليهن.
{فَخَرَجَ على قَوْمِهِ مِنَ المحراب} من المصلى أو من الغرفة. {فأوحى إِلَيْهِمْ} فأومأ إليهم لقوله: {إِلاَّ رَمْزًا}. وقيل كتب لهم على الأرض. {أَن سَبِّحُواْ} صلوا أو نزهوا ربكم. {بُكْرَةً وَعَشِيّاً} طرفي النهار، ولعله كان مأموراً بأن يسبح ويأمر قومه بأن يوافقوه، و{أَن} تحتمل أن تكون مصدرية وأن تكون مفسرة.
{يَا يحيى} على تقدير القول. {خُذِ الكتاب} التوراة. {بِقُوَّةٍ} بجد واستظهار بالتوفيق. {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبِيّاً} يعني الحكمة وفهم التوراة، وقيل النبوة أحكم الله عقله في صباه واستنبأه.
{وَحَنَانًا مّن لَّدُنَّا} ورحمة منا عليه أو رحمة وتعطفاً في قلبه على أبوييه وغيرهما عطف على الحكم. {وزكواة} وطهارة من الذنوب أو صدقة أي تصدق الله به على أبويه، أو مكنه ووفقه للتصديق على الناس. {وَكَانَ تَقِيّا} مطيعاً متجنباً عن المعاصي.
{وَبَرّاً بوالديه} وباراً بهما. {وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً} عاقاً أو عاصي ربه.
{وسلام عَلَيْهِ} من الله. {يَوْمَ وُلِدَ} من أن يناله الشيطان بما ينال به بني آدم. {وَيَوْمَ يَمُوتُ} من عذاب القبر. {وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً} من عذاب النار وهو القيامة.


{واذكر فِى الكتاب} في القرآن. {مَرْيَمَ} يعني قصتها. {إِذِ انتبذت} اعتزلت، بدل من {مَرْيَمَ} بدل الاشتمال لأن الأحيان مشتملة على ما فيها، أو بدل الكل لأن المراد ب {مَرْيَمَ} قصتها وبالظرف الأمر الواقع فيه وهما واحد، أو ظرف لمضاف مقدر وقيل: {إِذْ} بمعنى أن المصدرية كقولك: أكرمتك إذ لم تكرمني فتكون بدلاً لا محالة. {مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً} شرقي بيت المقدس، أو شرقي دارها، ولذلك اتخذ النصارى المشرق قبلة ومكاناً ظرف أو مفعول لأن {انتبذت} متضمن معنى أتت.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8